کد مطلب:142219 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:160

الحجاج بن بدر التمیمی السعدی
كـان الحـجـّاج بـصـریـّاً مـن بـنی سعد بن تمیم جاء بكتاب مسعود بن عمرو إلی الحسین فبقی معه وقُتل بین یدیه.

قـال السـیّد الداودی: إنّ الحسین علیه السلام كتب إلی المنذر بن الجارود العبدی وإلی یزید بن مسعود النـهشلی وإلی الأحنف بن قیس وغیرهم من رؤساء الأخماس ‍ والأشراف، فأمّا الأحنف فكتب إلی الحـسـین یصبّره ویرجّیه، وأمّا المنذر فأخذ الرسول إلی ابن زیاد فقتله، وأمّا مسعود [1] فجمع قـومـه بـنـی تـمـیـم وبـنـی حـنـظـلة وبـنـی سـعـد وبـنـی عـامـر، وخـطـبـهـم فـقـال: یـا بـنـی تـمـیـم كیف ترون موضعی فیكم وحسبی منكم؟ قالوا: بخ بخ، أنت واللّه فقرة الظـهـر ورأس الفـخـر، حـللت فـی الشـرف وسـطـا، وتـقـدّمـت فـیـه فـرطـا، قـال: فـإنـّی قـد جمعتكم لأمر أُرید أن أُشاوركم فیه وأستعین بكم علیه، فقالوا له: إنّا واللّه نـمـنـحـك النـصـیـحـة ونـجـهـد لك الرأی، فـقـل حـتـّی نـسـمـع، فـقـال: إنّ مـعاویة قد مات فأهون به واللّه هالكاً ومفقودا، ألا وإنّه قد انكسر باب الجور والإثـم وتـضـعـضـعـت أركان الظلم، وقد كان أحدث بیعة عقد بها أمراً ظنّ أنّه قد أحكمه وهیهات الذی أراد، إجـتـهـد واللّه فـفـشـل، وشاور فخذل وقد قام یزید شارب الخمور، ورأس الفجور یدعی الخلافة علی المسلمین ویتأمّر علیهم بغیر رضا منهم مع قصر حلم وقلّة علم لا یعرف من الحقّ مـوطـئ قـدمـه، فـأُقـسـم بـاللّه قـسـمـاً مـبـروراً لجـهـاده عـلی الدیـن أفـضـل مـن جـهـاد المـشـركـیـن، وهـذا الحـسـیـن بـن عـلی أمـیـر المـؤمـنـیـن وابـن رسـول اللّه صلی الله علیه وآله ذو الشـرف الأصـیـل والرأی الأثـیـل له فـضـل لا یوصف وعلم لا ینزف، هو أولی بهذا الأمر لسابقته وسنّه وقدمه وقرابته، یـعـطـف عـلی الصغیر ویحنو علی الكبیر، فأكرم به راعی رعیة وإمام قوم وجبت للّه به الحجّة، وبـلغـت بـه المـوعـظـة


فـلا تـعـشـوا عـن نـور الحـقّ ولا تـسـكـعـوا فـیّ وهـذا لبـاطـل فـقـد كـان صـخـر بـن قـیـس یـعـنـی الأحـنـف انـخـزل بـكـم یـوم الجـمـل فـاغـسـلوهـا بـخـروجـكـم إلی ابن رسول اللّه صلی الله علیه وآله ونصرته، واللّه لا یقصر أحد عن نصرته إلاّ أورثه اللّه الذل فی ولده والقلّة فی عشیرته، وها أناذا قد لبست للحرب لامتها، وأدرعت لها بدرعها، من لم یقتل یمت ومن یهرب لم یفت، فأحسنوا رحمكم اللّه ردّ الجواب، فقالت بـنـو حنظلة: یا أبا خالد نحن نبل كنانتك وفرسان عشیرتك إن رمیت بنا أصبت وإن غزوت بنا فـتـحت، لا تخوض غمرة إلاّ خضناها ولا تلقی واللّه شدّة إلاّ لقیناها، ننصرك بأسیافنا ونقیك بأبداننا إذا شئت. وقالت بنو أسد: أبا خالد إنّ أبغض الأشیاء إلینا خلافك والخروج من رأیـك، وقـد كـان صخر بن قیس أمرنا بترك القتال، فحمدنا ما أمرنا به وبقی عزّنا فینا، فـأمـهـلنـا نـراجـع المـشـور و نأتك برأینا! و قالت: بنو عامر: نحن بنو أبیك و حلفاؤك لا نرضی إن غضبت و لا نوطن إن ضعنت، فادعنا نجبك و أمرنا نطعك، و الأمر إلیك إذا شئت. فالتفت إلی بنی سعد لئن فعلتموها لا رفع الله السیف عنكم إبدا، و لازال فیكم سیفكم، ثمّ كتب إلی الحسین - قال بعض أهل المقاتل مع الحجاج بن بدر السعدی - أما بعد: فقد وصل إلی كتابك، و فهمت ما ندبتی إلیه و دعوتنی له من الأخذ بحظی من طاعتك و الفوز بنصیبی من نصرتك، و إن الله لم یخل الأرض من عامل علیها بخیر، و دلیل علی سبیل و أنتم حجّة الله علی خلقه، و ودیعته فی أرضه، تفرّعتم من زیتونة أحمدیّة هو أصلها، و أنتم فرعها فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذللّت لك أعناق بنی تمیم، و تركتهم أشدّ تتابعاً فی طاعتك من الإبل الظماء لورود یوم خمسها، و قد ذللّت لك بنی سعد، و غسلت درن قلوبها بماء سحابة مزن حین استهلّ برقها فلمع. ثمّ أرسل الكتاب مع الحجّاج، و كان متهیّأ للمسیر إلی الحسین بعدما سار إلیه جماعة من العبدیین، فجاؤا إلیه علیه السلام بالطف، فلمّا قرأ الكتاب قال: مالك! آمنك اللّه من الخوف، وأعزّك وأرواك
یوم العطش الأكبر. وبقی الحجّاج معه حتّی قُتل بین یدیه.

قـال صـاحـب الحـدائق: قـُتـل مـبـارزة بـعـد الظـهـر [2] وقال غیره: قُتل فی الحملة الأولی قبل الظهر.

أقـول: إنّ الذی ذكـره أهل السیر إنّ الحسین علیه السلام كتب إلی مسعود بن عمرو الأزدی، وهذا الخبر یـقـتـضـی أنـّه كـتـب إلی یزید بن مسعود التمیمی النهشلی، ولم أعرفه فلعلّه كان من أشراف تمیم بعد الأحنف، وقد تقدّم القول فی هذا.

(ضبط الغریب)

ممّا وقع فی هذه الترجمة:

(الأثیل): العظیم.

(تسكع): تحیّر.

(الدرن): الوسخ یكون فی الثوب وغیره.

(إسـتـهـل): المـطـر إشـتـدّ انـصـبـابـه، یـقـال هـل السـحـاب وانهل واستهل.



[1] هكذا في الأصل، و الصحيح: ابن مسعود.

[2] الحدائق الورديّة: 122.